النائب د. فايز بصبوص
انه عيد الأضحى والذي يتمحور حول أحد مرتكزات الدين الإسلامي التي قامت على اعتبار ان الأعياد والاحتفالات تأتي دائما نتيجة لانجاز ركن من اركان الإسلام والذي يميز ديننا عن كل الانتماءات الدينية الأخرى، فالاحتفالات الدينية في الاسلام تأتي نتيجة طبيعية لحدث مثالي روحاني يترجم من قبل امتنا العظيمة في كل السياقات التاريخية، كانت الأعياد تشكل في الجانب المادي والمعنوي حدثا يستهدف إعادة النظر في فترة ما بين عيدين على قاعدة النقد والنقد الذاتي لاستحضار آلية جديدة لانطلاقة جديدة تأخذ بعين الاعتبار تصحيح المسارات وإعادة انتاج ابرز الإنجازات وسد ابرز الثغرات في المرحلة السابقة هذا هو الجوهر الحقيقي لاعتماد الأعياد ضمن حدث مفصلي روحي المضمون والشكل وتصحيح وتجديد المسارات الإيجابية المادية منها في الجوهر والمضمون، لن نستعرض ضخامة وكثافة الاحداث التي مرت على وطننا الحبيب خلال فترة عام لأنها بحجم عقود، لكننا سنجيب عن سؤال واضح كيف انتقل الأردن بسلام وامان في تلك المرحلة التي استهدف بها بشكل مباشر دون أي اعتبارات للبروتوكولات الدبلوماسية والسياسية وكان الاستهداف مباشرا.
كان الجواب الصحيح والكبير يكمن دون مواربة ولا تملق ولا استحداث للمحاصصات الشخصية في التقويم ان السر لدينا يكمن في قيادتنا الهاشمية الفذة وقدرتها الاستثنائية على استشراف التحولات السياسية بعين ثاقبة شاملة، استطاعت اتخاذ قرارات استراتيجية تسبق الحدث وتلجم مخاطرة، وتحدد آليات خلاقة في مواجهته، نقول ذلك من باب الطمأنينة والسكون الذي خيم ويخيم على كل فرد اردني في هذا العيد لا نقصد هنا تداعيات وانعكاسات الواقع الاقتصادي الأليم، وانما نقصد البعد الرابع في اللاوعي الأردني والقائم على مجرد ظهور جلالة الملك في كل المفاصل التاريخية هو الذي جعل السكينة والطمأنينة وخفض من مستوى التوتر الذاتي المعلن وغير المعلن فالمرجعية الفذة والحكيمة ساهرة على استقرار وامن هذا الوطن.
ان هذا الشعور ودون تحفظ مرة أخرى هو الشعور الذي يسيطر على الشعب الأردني، وانا على قناعة مطلقة بانه حتى المعارضة الوطنية تشعر بذلك السكون والارتكان الى ان المرجعية قائمة على وطنها لا تغيب لحظة.
ان هذه المقدمة كان لا بد ان نتطرق لها عندما عرفت تماما من خلال منظومة المعلومات المتراكمة والمتزاحمة حول المجهول القادم، ان ما توصلت له في هذا السياق بأن مستوى التنسيق بين السلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية الهاشمية هو تنسيق اللحظة وأعني اللحظة في بعديها الزماني والمكاني فخلال اتفاقية اوسلو وما تمخض عنها كان الموقف الأردني واضح المعالم بانه سيقبل كل ما تقبل به منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، اما في السياق الزمني الحالي لم يرد الأردن ان يكرر تلك العبارة الا من خلال الاعلام، ولكن الذي يحصل حقيقة هو نحن نقبل بما يتمخض عنه التوافق الفلسطيني الأردني في التعامل مع المستجدات وفي هذا السياق اعبر ان الأردن عندما نوه في مرحلة اتفاق اوسلو على خطورة بروتوكول باريس 2 والذي يخص الالحاق الاقتصادي للسلطة الفلسطينية بالكيان الصهيوني أعاد التذكير به جلالته من خلال ما طرح من مشروع غزة الاقتصادية، وان الأردن يذكر كل الأطراف المعنية بالصراع بان بروتكول باريس 2 يترجم الان بصيغة استرجاعية ولكن بمحددات فرضتها التطورات السياسية الداخلية ونعني الانقسام الفلسطيني والخارجي ونعني صفقة القرن ان هذا التحذير الأردني والذي سبق بفترات كبيره مشروع غزة الاقتصادي أولا والذي هو نفسه مشروع غزة اريحا أولا ولكن بغطاء فلسطيني جديد مباشر يعتبر رفع الضيم عن غزة تنمويا، لا يرتبط بشمولية الحل وهذا استدعى استنفارا اردنيا خلف الكواليس قامت معه الدبلوماسية الأردنية بخطها الخلفي بالوقوف بحزم امام هذا المشروع، وتنسيق اللحظة الزمانية بين السلطة الفلسطينية والمملكة الأردنية الهاشمية يقوم على أساس إجهاض بروتكول باريس 2 بأدارته الجديدة.
لن استكمل بهذا الخط بالتفصيل والتدقيق لأنني على قناعة مطلقة بأن الأعياد يجب ان تغلف بعطاء وحب وفرح مطلق بالنظر للاضاءات في خضم الظلام الدامس الذي يحيط بمستقبل المنطقة ويحاول الإطاحة بأرثها وثقافتها وقيمها، ذلك الضوء كلنا يعلم انه يتسع ويكبر في كل وقفة شامخة لجلالة الملك في التأكيد على انه مهما كانت الاستحقاقات المادية والمعنوية المترتبة على التمسك بالثوابت لن نتزحزح قيد انملة عنها لأن هذا الضوء ينتر ببطء، ولكن نبعه المتمثل بالقيادة الهاشمية الفذة لا ينضب ولن ينضب لأن الله تعالى دائما في عون كل من يعمل بمكنونه ومستتره، كما يعمل تحت ضوء الشمس وبنفس الشفافية والوضوح.
شكرا لك جلالة الملك وكل عام وانت بألف خير وجودك وسمنا بسمة الاطمئنان ، السكون والاستقرار والامن الذي هو احدى محفزات النمو للشخصية الأردنية.
واننا كنشطاء سياسيين واجتماعيين نعدك بوقفة ومراجعة نقدية نقوم على أساسها بصياغة خارطة طريق بين عيدين تترجم من خلال المواطنة الفاعلة، واستكمال الحرب الشاملة على الفكر المتطرف وتجفيف منابعه من خلال العمل المستدام بهذا السياق فقد اخجلنا موسمية وقوفنا مع الوطن ، فأن المعركة تتطلب استدامة وفعالية اكبر لنكون كنفا الى كتف مع النظام السياسي الاردني وعلى راسه جلالة الملك المفدى ادامه الله لنا ذخرا وسندا ومرجعية يطمئن القلب والروح لوجودها بيننا.
[email protected]